اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
88108 مشاهدة
أنواع الزيارة للقبور

ذكر بعد ذلك زيارة القبور:
ثـم الزيـارة علـى أقسـام
ثلاثـة يـا أمــة الإسـلام
فإنمـا الزائـر فيما أضـمره
فـي نفسـه تذكـرة بالآخرة
ثـم دعـا لـه وللأمــوات
بـالعفو والصفـح عن الزلات
ولـم يكن شد الرحـال نحوها
ولم يقل هجـرا كقـول السفها
فتلـك سـنة أتـت صريحـة
في السـنن المثبـتة الصحيحة
هذه الزيارة الشرعية:
أولًا: أن يكون الزائر يقصد تذكر الآخرة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كنت نهيتكم عن زيارة القبور؛ فزوروها فإنها تذكر الآخرة - أي - تذكركم بالآخرة، هذه زيارة شرعية، لم يكن يقصد إلا أن يتذكر الموت، ويتذكر ما بعد الموت، كذلك إذا قصد الدعاء للأموات، الدعاء له، والدعاء للأموات؛ وذلك لأن الأموات بحاجة إلى ....
من آثار دعائه خير كثير؛ ولذلك علم النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه الدعاء للأموات؛ أن يقول الداعي إذا أتى إلى المقابر: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، أنتم لنا سلف ونحن بالأثر، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، وأغفر لنا ولهم ففي هذا دعاء لهم، فإن السلام دعاء، وهم بحاجة إلى من يدعو لهم. وكذلك قوله: يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين دعا لهم بالرحمة؛ وكان -عليه السلام- يقول: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد – يعني - البقيع الذي دفن فيه الصحابة ومن بعدهم، اللهم اغفر لهم، ويقول في هذا الدعاء أيضا: اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم ففي هذا دعاء لهم بالعفو، وبالصفح عن الزلات، وبالمغفرة، وبالرحمة. فيأتي إليهم أجر كبير كثير وهم بحاجة إلى الدعاء لهم.
هذا مقصد، تذكر الآخرة، والدعاء للأموات،ثم لا يكون هناك شد رحل؛ بل يدعو لهم، أو يزورهم من طرف البلد؛ وذلك لأن أهل كل قرية فيها مقبرة.
لكـل أنـاس مقبـر بفنائهم
فهم ينقصون والقبـور تزيد
فهذه المقبرة يأتي إليها قريبا ويسلم على أهلها، ويدعو لهم، ويترحم عليهم، ويتذكر الآخرة، فأما شد الرحال؛ فلا يجوز - يعني - لا يجوز أن يرحل إلى قبر بعيد لأجل أن يدعو له أو يتذكر الآخرة؛ بل يدعو لهم ولو كان في أية مكان، يدعو دعوة للمسلمين، ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا و المسجد الأقصى - أي - لا يجوز أن تعمل المطي لأجل زيارة القبور؛ وسبب النهي: أنه ربما إذا زارها اعتقد أن لها أهمية، وأن لهذا القبر الذي أتينا إليه من بعيد مكانة، وقد يعتقد ذلك أيضا الجهلة؛ فيرحلون إليها من مكان بعيد، ثم يؤدي ذلك إلى عبادتها أو إلى الغلو فيها.
ثم من شرط ذلك ألا يقول هُجْرَا - أي - ورد في الحديث زوروا القبور ولا تقولوا هجرا ( والهجر ): إما أنه الكلام السيئ، وإما أنه الندب، وما أشبه ذلك، كما إذا تذكر ميته؛ فأخذ ينوح، ويصيح ويدعو بالويل والثبور ويقول: وا أخواه، وا ولداه. وما أشبه ذلك؛ فهذا قول السفهاء.
فهذه سنة صريحة واردة في السنن المثبتة الصحيحة بهذه الشروط:
أولًا: تذكر الآخرة.
ثانياً: الدعاء للأموات.
ثالثاً: عدم شد الرحال إليها.
رابعاً: ألا يقول هجرا في زيارته.